JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

"الطريق الثوري".. دراما حزينة وقاسية عن وجودية الإنسان


الزواج البائس.. والأحلام الضائعة.. العذاب الداخلى والتخلي عن الأحلام.. العجز والخوف من المستقبل.. الاستسلام للخيارات الآمنة بدلا من مواجهة الحياة.. الحب الذي ينتهي بفعل الزواج!

باختصار هذا موضوع فيلم "revolutionary road".

إنه بمجرد المشاهدة للفيلم تسأل نفسك: هل حياتك التي تعيشها هي الحياة التي تريدها؟

إنه سؤال صعب، يهرب أغلبنا منه.. حتى لا نحبط.. حتى لا نشعر بعجزنا وفشلنا.. لكن الفيلم يواجهنا بهذه الحقيقة، وأعتقد أنه سبب أساسي في أن كثيرين لم يستلطفوه. إنه يقدم دراما حزينة قاسية، أظن أنها كانت موفقة بشكل غير مسبوق في السينما.

وأقول هذه النوعية الدرامية غير مسبوقة في السينما؛ لأنها تلعب على النزاع الوجودي، وتحليل وتشريح واقع الإنسان، وهذا ما يتوفر في الأدب أكثر من السينما.. باعتبار أن في الأدب فطاحل غاصوا في أغوار النفس البشرية وفي أزمة الوجودية بشكل لا مثيل له، مثل ديستويفسكي وسارتر!وكامي وكافكا.. ما جعل المهمة أمام السينما صعبة لتمثيل الوجودية وأزمة الإنسان المعاصر على الشاشة.. وقد نجح الفيلم في عرض هذا الصراع بشكل لا مثيل له على طريقة هوليوود المميزة.

هناك مقولة أعتز بها تقول: "الحياة هي ما يحدث.. بينما نحن مشغولون في أحلامنا"، وتعني المقولة أن الإنسان عندما يستسلم لواقعه، ويستغرق في أحلام اليقظة، تمر حياته دون أن يحقق شيئا، ليجد نفسه في النهاية نسخة باهتة في قاع الوجود.

وهذه هي أزمة شخصيتي الفيلم الرئيسية، إنهما شخصيتان محصورتان في علاقة لا يريدانها، ولا بدائل أفضل أمامهما، إن التغيير هو الحل الأكثر روعة، ولكنه في نفس الوقت الأكثر صعوبة.

إن أزمة "فرانك" مع زوجته "أبريل"، هو أنه خيّب آمالها، ظنت أنه الرجل المثالي المثقف الذي سيعرفها على العالم، ولكنه لم يفعل، لأنه قرر أن يختار الوظيفة الآمنة والحياة المستقرة، في نفس الوقت الذي يتوق فيه إلى وظيفة مثيرة، لكنه يفتقر إلى الشجاعة والجرأة ليحقق نفسه.. لأنه يخشى الفشل.

نعم.. إنها حياة قاسية.. عندما تحتقرك زوجتك.. وتغرق في حياة كلها فواتير وديون وصخب أطفال، وعمل ممل.. يقتل طموحك وأحلامك.

يسأل "فرانك" نفسه: "ما شكل الحياة في الجحيم.. إذن؟".

أي أن الذي يعيشه حاليا لو لم يكن جحيما.. فما هو شكل الجحيم في الآخرة؟.

"أبريل" هي الأخرى، تشعر بانتكاسة الحياة، إنها ممثلة تفتقر إلى الموهبة ولكنها تجد صعوبة في استيعاب هذه الحقيقة، لديها مشاكل نفسية في طفولتها، لا تعرف ماذا تريد، هل الاحتواء؟ تحقيق الذات؟ إنها شخصية عاطفية ومشوشة ومثيرة.

إنها في يوم أقسمت أنها ستترك زوجها، وفي اليوم التالي أحبته بحماس، ثم في اليوم التالي، تكتئب في هدوء، ساخطة غير راضية.. وتخبر زوجها أنها لا تحبه.

إن قصة الفيلم.. عن شخصين يتوقان إلى التغيير.. الانتصار على الحياة.. لكنهما عاجزان، إنها باختصار دعوة للاستيقاظ الوجودي.

إن الفيلم يخبرنا بقسوة: كل منا مسئول عن نفسه وعن اختياراته وحتى نهايته.. وبدون أعذار

author-img

محمد محمود ثابت

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة