JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Startseite

فتحي قورة الشاعر المظلوم الذي باع أجمل أشعاره لحسين السيد.. أبرزها "ست الحبايب"

 

 


لا تحتاج أغانيه إلى تعريف، بل هو الذي يحتاج إلى تعريف. نعرف كلنا أغانيه، بل نردد كلماته التي كتبها كل يوم، ونسمعها في كل مكان وزمان حتى هذه اللحظة، لكن للأسف أغلبنا لا يعرف من الذي صاغ هذه الجمل بجمالها ورشاقتها وحكمتها البليغة، فإذا قلت لك: "وحياة قلبي وأفراحه"، ستكمل أنت بكل تلقائية وتقول: "وهناه في مساه وصباحه"، ولا شك لدي إذا قلت لك: "أمانة عليك يا ليل طول"، أنك ستردد معي: "وهات العمر من الأول"، ومؤكد أنني لو سألت أي إنسان من أي زمان وأي جيل عن مدينة الأقصر.. في الأغلب لن يعرف عنها سوى هذا المقطع الشهير من الأغنية الشهيرة: "الأقصر بلدنا بلد سواح فيها الأجانب تتفسح"، حتى الأطفال الرضع يعرفون أغنيته الخالدة للأبد: "ماما زمانها جاية.. جاية بعد شوية".

 

ولا داعي في الحقيقة أن أسهب في أغنيات الشاعر الكبير فتحي قورة لسببين: السبب الأول أنه يحتاج إلى مجلد كامل فهو صاحب خمسة آلاف أغنية، وليس لدينا مساحة لذلك، والسبب الثاني هو أنه حتى الذين عاشوا في زمانه وعرفوا أشعاره التي كتبها وساهم في نجاح بعضهم حتى وصلوا لعنان السماء، لم يمنحوه قدره الكافي، بل استخفوا به وتهاونوا معه ولم يسألوا عنه في أواخر أيامه. عندما أظلمت الحياة من حوله وفقد بصره، فهل سيجود أحد عليه بتكريم أو يمنحه قدره الذي يستحق عندما يعرف الآن؟

 

والحقيقة أكتب عن فتحي قورة بعد كل هذه السنوات، لا لأمنحه قدره الذي يستحق، فمن أنا أساسا؟ ولا لأذكر أحدا به؛ لينعم عليه بتكريم، فلا يمكن لألف تكريم أو احتفاء أن يعيد شيئا لهذا الرجل المظلوم حيا وميتا كما قال الكتاب، لكن أكتب هذا الموضوع لتكون هذه المادة مؤرشفة يستطيع أي إنسان أن يصل إليها عندما يبحث عن اسم فتحي قورة أو أغنية من أغنياته لأنه حتى محرك البحث الشهير جوجل ظلمه أيضا، ولا توجد مادة مكتملة في موضوع واحد عنه، بل معلومات مبعثرة ومتفرقة في كل مكان، بخلاف أنها مكررة أصلا، فهل أنا سأقدر على ذلك؟ أشك.. لكن أرجو ذلك.

 

كان مولده مع ثورة 1919 مثلما كانت أشعاره ثورة في كتابة الأغنية

 

فتحي قورة مواطن شرقاوي من قرية العلاقمة التابعة لمركز ههيا، وهي نفس المحافظة التي ولدت بها الفنانة شادية التي كتب لها أشهر أغانيها، مثل "ألو ألو إحنا هنا"، و"سيد الحبايب"، و"القلب يحب مرة ميحبش مرتين"، ولم يكن لـ"قورة" أي حلم سوى الفن والشعر منذ الصغر، بينما كان حلم الوالد أن يصبح الابن مثله، مجرد "فلاح"، يزرع الأرض ويأكل منها، والحمد لله أن الابن خذل الوالد، ونزح إلى القاهرة حيث الأضواء والشهرة وفن السينما الجديد وقتها، الذي كان مدخله إلى عالم الكتابة ونطاح أكابر الشغلانة وكتابة الأغنية مثل بديع خيري وبيرم التونسي وأبو السعودي الإبياري.

 

واستطاع فتحي قورة في وقت قصير أن يجد لنفسه مكانا بين هؤلاء، لأن موهبته خارقة، وأظن كل الظن أنه تسبب في مشكلات ومتاعب لمنافسه، لأنه كان الأمهر والأسرع في كتابة الأغنية لدرجة أنه كان يكتب سبع أغاني في يوم واحد، بحسب ما قالته ابنته همت.

 

والغريب أن فتحي قورة لم يكمل تعليمه، حصل فقط على الشهادة الإعدادية ومع ذلك كان قادرا على نظم الكلمات ببراعة حتى أصبح بهلوانا يلعب بالوزن والقافية كما يحلو له، ويأتي بالكلمة من فم العوام ثم يضعها على لسان أشهر المطربين، ويلحنها له أكبر الملحنين بسهولة مستفزة تجعل البعض يظن أنه بإمكانه أن يكتب مثل قورة ويفعل بالكلمة ما يحلو له، ولكنه يصطدم بموهبة خارفقة عندما يحاول تقليده وهذا ببساطة لأن فتحي قورة نفسه لم يكن يعرف كيف يأتي بالكلمة بهذه السرعة وهذه السهولة لأنها الفطرة، لأنها الموهبة، لأنها عطايا الله، أو سليقة المبدع كما يقول المثقفون.

 

بدأ فتحي قورة مشواره فعليا بكتابة أغاني فيلم "نور الدين والبحارة الثلاثة" عام 1942، وكان من أشهر ما كتب في هذا الفيلم، مونولوج "البسبوسة" لإسماعيل ياسين وأطلب منكم أن تتأملوا هذه البداية التي قدم بها نفسه لأهل الفن والمغنى في هذه الكلمات: "البسبوسة المبسوسة وفطاير طازة من العال، دوق يا عريس دوقي يا عروسة، ادعولي ولصاحب المال، كل واتهنى وانفخ بطنك، وادفع على حسب التساهيل، مش هنطالبك ونقول قرشك، إن كلت كتير ولا قليل، كله بلاش ببلاش ببلاش، زي ما قال صاحب الدكان، واوعوا تقولوا إن أنا بكاش، ولا عقلي حصله جنان، كلوا مجانا زي ما قال، ادعولي ولصاحب المال".

 

من هنا بدأ قورة وأصبح هو الشاعر الأول الذي يختاره المنتجون لكتابة أغاني الأفلام وكان له نصيب الأسد في فترة الأربعينيات مع كبار الممثلين وقتها مثل شكوكو وإسماعيل ياسين في كتابة المونولوجات وكتب في هذه الفترة أغاني أفلام "عودة الغائب" لماري كويني و"اوعى المحفظة" لشكوكو و"عفريتة هانم" ثم بعد ذلك أغاني فيلم "نشالة هانم" والتي لحنها له الملحن الشاب وقتها كمال الطويل.

 

والحقيقة لا يمكننا الاستطراد في أغاني الأفلام التي كتبها، لأنه بحسب الموسوعة السينمائية التي أرشفت أعمال فتحي قورة، فهو كتب أغاني لـ181 فيلما، وبالتأكيد هذا الرقم أقل بكثير مما قدمه، لأن أفلاما كثيرة قد ضاعت وأصبحت في طي النسيان وهناك أفلام أخرى لم تجردها الموسوعة، إما لأنه صعب توثيق أعمال هذا الرجل الرجل بشكل كامل أو لأن هناك أعمالا بالفعل كتبها ونسبت لغيره مثل أغاني فيلم "ياسمين" لأنور وجدي وأشهر أغنيات الفيلم هي أغنية "معانا ريال" والتي نسبت لأبو السعود الإبياري.

 

أغنية "معانا ريال".. عندما غضب فتحي قورة من أنور وجدي

 

كانت العلاقة بين فتحي قورة وأنور وجدي،  علاقة شديدة الخصوصية، وكان من أقرب المقربين له، كتب له معظم أغاني أفلامه، مثل فيلم "خطف مراتي" و"أربع بنات وظابط"، وفيلم "ياسمين"، وكتب لزوجته ليلى مراد 150 أغنية بحسب ما نشرت جريدة أخبار اليوم سنة 1977.

 

لكن في فيلم "ياسمين" تعاقد معه أنور وجدي على كتابة أغاني الفيلم وكان من أشهرها أغنية "معانا ريال" للطفلة فيروز. ولكن فوجئ قورة عندما ذهب لمشاهدة الفيلم بكتابة اسم أبو السعود الإبياري على أغنيات العمل، فغضب وعنّف أنور وجدي، وكان معروفا عن فتحي قورة صراحته الشديدة، وأقسم أنه لن يعمل مع وجدي مرة أخرى.

 

وتحكي "همت" ابنة الشاعر الكبير هذه القصة في حوار لها مع مجلة "صباح الخير"، وتقول: "أنور وجدي قرر يصالح والدي، وطلب من السفرجي بتاعه إنه يتصل بوالدي يقول تعالى إلحق أستاذ أنور، لأنه عيان جدا، وعاوز يشوفك لأمر ضروري ومهم، وفعلا بابا راح له  بسرعة ودخل على أنور لقاه عادي وعادت المياه لمجاريها بينهم، وأكدله أنه خطأ مش مقصود".

 

ولا يعرف كثيرون أن الذي اكتشف الطفلة فيروز هو فتحي قورة، وقد ذهب بها إلى المنتجة آسيا ورفضت الإنتاج لها، وكانت "فيروز" هي السبب الأبرز للصداقة العميقة بينه وبين أنور وجدي.

 

وأثارت ابنته الدهشة حين اعترفت بأن والدها كتب بعض الأغاني في بداياته ونُسبت إلى غيره، دون أن تذكر أي أسماء. وأكد الناقد الفني طارق الشناوي صحة هذا الحديث، موضحا أن قورة كتب من الباطن لشاعر كبير، دون الإفصاح عن اسمه.

 

 لكن الصدفة قادتني إلى اكتشاف هوية هذا الشاعر.

 

 هل أغرى حسين السيد فتحي قورة بالمال ليكتب له من الباطن؟

 

قادتني الصدفة للقاء إذاعي قديم للشاعر الراحل عبد الرحيم منصور، كان يرد فيه على سخرية الشاعر فتحي قورة منه ومن الجيل الجديد للشعراء الذين لا يجيدون الالتزام بالوزن والقافية، ثم ضرب مثالا بأغنية لا تعجبه، هي أغنية "جايلك إيه يا صبية" لعايدة الشاعر، التي كتبها عبد الرحيم منصور، وكان رد منصور: "أنا مش زعلان من رأي الأستاذ فتحي قورة هو أصلا اللى بيكتبه لا هو شعر ولا هو حتى زجل، يعني هو معترض على جملة قلتها وهي غنوة تتغنى في كل البلاد، وهو قايل أغنية خمسة في ستة بتلاتين يوم".

 

وتدخل المذيع، ليصحح لعبد الرحيم منصور ويخبره أن أغنية "خمسة في ستة" لم تكن من كلمات فتحي قورة، بل من كتابة الشاعر حسين السيد وتلحين منير مراد، ورغم ذلك أصر منصور على نسبها لقورة، مما جعلني أتساءل: هل كان هذا الخطأ مقصودًا أم عفويًا من منصور؟

 

والحقيقة أنه بتأمل كلمات هذه الأغنية ستلمس فيها روح "قورة" وأسلوبه المتفرد في كل أغانيه.

 

تقول الأغنية: "خمسة في ستة بتلاتين يوم، غايب عني وغاب النوم، ولما يجيني وأشوفه بعيني، أحلف إنه ما غاب ولا يوم. ياما احتار القلب في أمره، ساعة بساعة وليل بنهار، يا هل ترى أنا جيت على فكره، زي ما فكري عليه احتار".

 

وبمقارنة كلمات هذه الأغنية بأغلب أعمال حسين السيد، نجد أن هذا الأسلوب في الكتابة يبرز في عدد قليل من أغانيه.

 

وحرصا مني على استيضاح الأمر، تواصلت مع الأستاذة همت قورة عن طريق الكاتبة الصحفية أمنية الغنام من مجلة "صباح الخير"، التي زودتني برقم هاتفها.

 

 طرحت على ابنة الشاعر فتحي قورة هذا السؤال، وأكدت لي بالفعل أن والدها كتب عددا من الأغاني التي نُسبت لغيره، وعندما أشرت إلى اسم حسين السيد، فاجأتني بقولها: "نعم".

 

ورغم أنها لم تذكر أسماء الأغاني، إلا أن همت قورة استنكرت ما صرّح به الناقد طارق الشناوي، قائلة: "ما أعرفش طارق قال إن والدي كتب 40 أغنية من الباطن إزاي، لأن عدد الأغاني أقل من كذا. وبلاش نذكر اسم حسين السيد عشان أولاده ما يزعلوش مننا، اللي حصل خلاص وانتهى".

  

 

هل كتب "قورة" أغنية "ست الحبايب"؟

 

ومن المعروف أن حسين السيد كان ميسور الحال، وكان لديه في بداياته طموح بأن يصبح ممثلا ونجما سينمائيا، واستثمر أمواله في هذا الحلم، لكنه فشل في تحقيقه.

 

وقد نصحه الموسيقار محمد عبد الوهاب، أثناء كواليس أحد الأفلام، بأن يترك التمثيل ويركز على كتابة الأغاني، ليجد السيد في هذا المجال ضالته.

 

وحسين السيد كشاعر لا يمكن أن تتعرف على أعماله بسهولة؛ فهناك تنوع واضح في أغانيه واختلاف في طرق الكتابة، بل توجد بعض الأغنيات المنسوبة له تتشابه بشكل كبير مع أسلوب فتحي قورة.

 

ومن أبرز هذه الأغنيات أغنية محمد فوزي الشهيرة: "ذهب الليل وطلع الفجر والعصفور صوصو، شاف القطة قالها بسبس قالتله نو نو"، وكذلك أغنية شادية من ألحان عبد الوهاب: "بسبوسة بسبوسة بت يا نوسة يا نوسة شايلة البسبوسة والله احلويتي وكبرتي وبقيتي عروسة".

 

المثير للغرابة أن محمد عبد الوهاب لم يلحن أي عمل من كلمات فتحي قورة بشكل رسمي، رغم أنه لحن معظم أعماله لصديقه المقرب حسين السيد.

 

هذا دفعني للتأمل في أسلوب "السيد" ومقارنته بكتابات قورة، لأجد أن أغنية "ست الحبايب" التي غنتها فايزة أحمد، تتضمن بوضوح لمسات من أسلوب قورة، خاصة في المقطع: "أنام تسهري وتباتي تفكري وتصحي من الأذان وتيجي تشقري."

 

 وقد حققت هذه الأغنية نجاحًا ساحقا، لتصبح من أشهر الأغاني عن الأم.

 

ويُقال إن هذا النجاح الذي ارتبط بغيره أثر كثيرا على قورة، ودفعه لمحاولة استعادة مكانته عبر كتابة أغنية شبيهة بعنوان "سيد الحبايب"، غنتها شادية، وكانت هذه المرة عن أم تغني لطفلها.

 

 ورغم النجاح الكبير الذي حققته هذه الأغنية، إلا أنها لم تصل إلى مستوى الشعبية الذي حققته أغنية "ست الحبايب".

 

ليس ذلك فقط، فأغنية "قولي عملك إيه قلبي"، المنسوبة لحسين السيد ولحنها عبد الوهاب، يبدو أن "قورة" ندم علهيا، فقرر تقديمها بشكل آخر يحاكيها أطلق عليها "الأغاني المقلوبة"، ولحنها الموسيقار محمد الموجي وغناها ماهر العطار بمشاركة سعاد حسني في فيلم " هـ 3"، وكانت بعنوان: "قولي قالتلك إيه أمي"؟.

 

فهل أيضا هو من كتب "قولي عملك إيه قلبي"؟.

  

حسين السيد وعبد الوهاب

 

سخريته الحادة ورأيه الصريح سببا له المتاعب ولم يحضر جنازته سوى لبلبة

 

قالت ابنته "همت" إن والدها أنجب خمس بنات غيرها، وأسماؤهن: "هند وهدى وهويدا وهالة وهيام"، وكلهن بحرف الهاء لسبب ظريف هو أن الأم تعثرت في ولادة الابنة الكبرى هند، فكانت الممرضة تخرج لوالدها تطمئنه وتقول: "هانت، هانت" فاستشعر حلاوة وجمال حرف الهاء فقرر تسمية جميع بناته بهذا الحرف.

 

وكانت آراؤه في الشعراء الجدد ، جريئة وحادة.

 

 ففي أحد اللقاءات الإذاعية سخر من من أغنية "زي الهوا" لعبد الحليم والتي كتبها الشاعر الشاب محمد حمزة، وعندما عرف عبد الحليم ما قاله فتحي قورة قال في لقاء إذاعي: "يمكن الأستاذ فتحي بيقول كده، عشان أنا بطلت أشتغل معاه وبشتغل مع مؤلفين تانيين".

 

وأكدت ابنة الشاعر الكبير أن والدها غضب من كلام عبد الحليم وشعر بحسرة كبيرة ونكران الجميل، لأنه أول من كتب له عندما كان مطربا مغمورا، إذ غنى له أولى أغنياته: "وليه تحسب الأيام"، ثم أشهر أغنياته التي قدمته للناس بشكل مختلف مثل أغنية "وحياة قلبي وأفراحه"، و"بكرا وبعده"، و"يا سيدي أمرك".

 

كذلك اختلف فتحي قورة مع شادية عندما طلبت منه تغيير سطر في أغنية، فاحتد عليها وقال: "إنتي ممكن تغيري مخرج الفيلم، لكن لا يمكن تغيري كلمة أنا كتبتها".

 

وتقول ابنته همت، إنه مرض في أواخر حياته وفقد البصر وكان مريضا بتصلب الشرايين ومات ولم يكمل سن الستين ولم يحضر جنازته أحد إلا لبلبة.

 

تجاهل وسائل الإعلام وجمعية المؤلفين والملحنين اسم فتحي قورة.

 

ليست المأساة في قصة فتحي قورة أن ذكرى ميلاده ووفاته تمر مرور الكرام الآن، لكن المدهش أنه عندما توفى في أغسطس 1977، لم تنتبه الصحف وقتها لوفاة واحد من أساطير كتابة الأغنية لدرجة أن الكاتب الكبير نجيب محفوظ اتصل بمنزل فتحي قورة ليسأل عنه بعد وفاته بعام، فلم يكن يعرف أنه مات.

 

وتقول همت قورة: "حتى الآن نفسي أعرف الأستاذ نجيب محفوظ كان عاوز إيه لما اتكلم والغريب إنه مكانش يعرف إنه مات".

 

وهذا التجاهل لهذا الاسم الكبير المظلوم حيا وميتا لا يزال حتى الآن، فجمعية المؤلفين والملحنين تضع في مبناها صور العشرات من المؤلفين والملحنين إلا صورته.

 

 وهنا سؤال: "هل هناك شاعر من هؤلاء على الحائط كتب أغاني أكثر من فتحي قورة؟.. هل أغانيهم أشهر من أغانيه؟ لماذا هذا الرجل مظلوم.. هل لأنه لم يكن ضمن شلة سياسية؟ هل لأنه مات مبكرا.. هل لأنه لم يجد من ينظر له؟ هل هذا التجاهل متعمد؟.. هذه أسئلة نتمنى أن يجيب عنها المتخصصون وأهل الفن والإبداع ونقاده ومنظروه.

 

يكفي أن أقول في النهاية إن هذا الرجل عاش للفن ومات من أجله حتى آخر لحظة في حياته. فرغم فقدانه بصره خلال العامين الأخيرين من عمره، ومعاناته من أمراض القلب وتصلب الشرايين، طُلب منه كتابة أغاني لـ30 حلقة إذاعية فكاهية، تؤدى من قبل ممثلين لا علاقة لهم بالغناء مثل فريد شوقي وعبد المنعم مدبولي.

 

 لكن عند انتهائه من كتابة الحلقة الثلاثين، دخلت ابنته وزوجها ليجداه جالسا ورأسه منحنيا على المكتب، وقد فاضت روحه إلى بارئها.


author-img

محمد محمود ثابت

Kommentare
    Keine Kommentare
    Kommentar veröffentlichen
      NameE-MailNachricht