رسالة إلى حبيبتي العاهرة

بكل أمانة أقولها. 

الإخوان أعرق تنظيم سياسي موجود على أرض مصر. 

حظرته أم لم تحظره، سجنت قياداته وأرامله أم أطلقت سراحهم، فهذا لا ينفي وجوده.. وتأثيره على الناس. 

التنظيم نقل معركته الآن إلى السوشيال ميديا.

 وأظنه منتصرا حتى الآن فيها، فهي أرض جديدة على الدولة ما زالت تتحسس ثغراتها حتى تتمكن منها.

 وهذا يحدث حاليا.

الدولة الآن بكل أذرعها، تتجه إلى السوشيال ميديا. 

الآن أدركوا أنه لا يمكن مواجهة كل هذا الحراك الإلكتروني الذي يشحن الصغار والكبار على الدولة، بإعلامي مثل أحمد موسى. 

فهمت الدولة أخيرا، أن هذه الوجوه فقدت مصداقيتها حتى ولو قالت شيئا صادقا، فلا هم قادرون على الدفاع عن الدولة باحترافية، ولا حتى قادرين على الترويج إلى إنجازات تحدث على أرض الواقع بدون مبالغات.. تقلب الإنجازات إلى حفلة سخرية.

بكل أمانة.. مرة أخرى. 

أستطيع أن أقول إن مفهوم التمكين لدى الإخوان، قد حدث الفترة الأخيرة، لكن على أرض افتراضية.

 والدولة لا تنكر ذلك.


 وما يفعله التنظيم الآن، هو استغلال هذه الأرض الافتراضية، التي اكتسبوها، للانتقال إلى نقطة أخرى وهي أرض الواقع، لكن على أكتاف المتحمسين من الفئات العادية، والمركوبين طوال الوقت من شباب اليسار والمثقفين الذين لا يرون الواقع بوضوح نظرا لكثافة الدخان العدمي السيريالي على مقاهي وسط البلد.

وأنا أقول كلمتي الآن كمواطن لديه نسبة وعي قليلة جدا، من قلب التاريخ. 

فأنا أمقت الحديث في الشأن السياسي.. لأن أغلب الناس جهلاء ومتحفزون طوال الوقت، فالرأي عندهم لا بد أن يكون بأجر ومقابل، مع أن كل كلمة نكتبها ونقولها ما هي إلا قناعة شخصية لم يملها أحد علينا.

 فلا مرشدا لدي سوى قلبي وعقلي، ولا أقبّل يدا سوى يد أمي.

أما التاريخ فهو يعيد نفسه، ولا أحد يتعلم منه.

 يخبرنا التاريخ بأن نحترس من صعود الإخوان في الصورة مجددا كقوة منظمة مسيطرة. 

لكن نفسه هو التاريخ الذي يخبرنا: كلما صعد الإخوان إلى أعلى نقطة، سقطوا سقوطا مدويا.

المرة الأولى حين قوت شوكة التنظيم كقوة مسلحة عام 1948، فأصبحت قوة لا يستهان بها، مهددة لأي حكومة، حتى للملك نفسه، ولكن انتهى ذلك الصعود إلى قرار بحل الجماعة.

وبالمناسبة كان هذا القرار هو أول قرار حل للتنظيم.. ضربه في مقتل وجعله منبوذا طوال الوقت.

المرة الثانية، حين تعاونوا مع ضباط ثورة يوليو، ونجحوا في إسقاط الملك، في هذه اللحظة أصابهم غرور، وظنوا أنها لحظة التمكين من حكم مصر، لكن عبد الناصر وقف لهم بشراسته المعهودة، فوصلنا إلى الأزمة الكبرى في 1954 التي اضطرت تبعاتها التاريخية إلى صدام عنيف انتهى بقضية 1965 التي تم إعدام سيد قطب وشلته فيها.

وهي ضربة قاسية تلقوها من عبد الناصر.. كادت أن تقضي عليهم تماما، لكن جاء السادات وأعطاهم قبلة الحياة.

وهذه هي المرة الثالثة، حين جاء السادات وأخرجهم من السجون ليضرب اليسار والشيوعيين بهم، تحول الإخوان وباقي الجماعات الإسلامية إلى قوة على الأرض، متحكمة في الشوارع والمساجد ونبض المواطنين.

لكن كعادتهم الدموية، اغتالوا السادات، فسقطوا مرة أخرى في هوة سحيقة.

جاء مبارك.. واتفق معهم على لعبة سياسية كانت مريحة في زمنه لكننا ندفع ثمنها الآن، هذه اللعبة كانت: "هسيبكم.. بس مش عاوز وجع دماغ.. هتوجعوا دماغي.. فأنتم عارفين!".

هذه اللعبة يمكن أن أسميها لعبة القط والفار، استغلها الإخوان للانتشار في كل أنحاء مصر، وتجنيد خلايا جديدة واستقطاب شباب كثيرين لترسيخ قاعدتهم الاجتماعية التي نعاني منها الآن.

ليس الإخوان فقط، لكن الإسلاميين جميعا نالوا قسطا من تلك الحرية، فكانت لهم منابر خاصة في الإعلام وقنوات ومساجد خاصة بهم.

وصل الإخوان إلى الذروة في انتخابات مجلس الشعب في 2005، وحصلوا على 88 مقعدا، لكن في الانتخابات التالية لها، سقطوا ولم يحصلوا سوى على كرسي واحد!. 

وكانت هذه هي المرة الرابعة.

لذلك حين وصل الإخوان إلى الحلم الكبير والتمكين من مصر في 2012، قلت إن هذه المرة ستكون الخامسة، قلت ذلك وأنا شاب عمره 17 عاما، وقلت أيضا السقوط هذه المرة سيكون قاسيا وسيجعلها على حافة الهاوية.

وضحك أبي الذي يتعاطف ويصدق الإسلاميين كمواطنين كثيرين.

لكن صحت رؤيتي، لم يمر عام، لأجد التنظيم خارج الحكم، وقياداته داخل السجون، والذي استطاع الفرار، قد فر، ليمارس الردح مثل المرأة الموتورة، وهم معذورون، لأنها ضربة موجعة وشديدة الوجع والإحباط واليأس، وعرضتهم إلى فتنة من الداخل.

ولذلك أدعو الرئيس السيسي، ألا يخاف لكن أن يحذر.

 نحن الآن في المرة السادسة، وإن كانت الموجة عالية هذه المرة بتحالفاتهم الأخيرة وسيطرتهم على السوشيال ميديا، التي أعطتهم أملا جديدا، وتصوروا منها أنه حان قطف الثمار، فاعرف أن السقوط والانهيار سيكون حليفهم تلك المرة، لكنه سيكون سقوطا عنيفا، أشد من حافة الهاوية التي وصلوا لها بعد خلعهم من الحكم.