من النادر أن يترقب العالم، بشكل جاد، فيلمًا مأخوذًا عن القصص المصورة، التى ينظر إليها فى أحسن الأحوال على أنها مجرد أفلام تجارية مسلية، لكن الأمر مختلف مع فيلم «الجوكر» الذى يقوم ببطولته النجم الأمريكى خواكين فينيكس، ويقدم فيه الشخصية السينمائية الشهيرة فى موقع البطولة لأول مرة.
انتظار فيلم المخرج تود فيليبس يبدو منطقيًا وله
أسبابه، منها أن شخصية «الجوكر» ولأول مرة سوف تتعرى أمام جمهورها على شاشة السينما،
فطوال تاريخ سلسلة «باتمان» ظهر «الجوكر» ممثلًا للشر على النقيض من البطل
«باتمان»، دون تركيز على الأبعاد النفسية والاجتماعية للشخصية، أما هذه المرة،
وحسب ما ظهر فى الإعلان الدعائى وتصريحات المخرج، فإنه يتحدى كل من سبقوه، بل
«يتحدى الجمهور نفسه» على حد قوله.
ويكمن سر التحدى فى أن جمهور السلسلة لا يرى أن ممثلًا بإمكانه تجسيد شخصية «الجوكر» مثلما قدمها الراحل هيث ليدجر فى فيلم «The Dark knight»، حتى إن الكثير من محبى السلسلة قالوا إن «فينيكس» وضع نفسه فى مأزق بمقارنة سوف تظلمه، ونتيجة لن تكون فى صالحه بأى حال من الأحوال. ويبدو أن «فينيكس» المخضرم يدرك جيدًا أن المهمة أمامه لن تكون سهلة، لذلك عندما اتخذ القرار بتجسيد الشخصية وضع شروطه الخاصة التى لا تسمح لشركة «وارنر بروس» العريقة، منتجة الفيلم، بأن تقيد حريته كممثل؛ إذ سبق من قبل أن عرضت عليه استديوهات مارفل أن يجسد شخصية «دكتور سترينج» وفشل المشروع بسبب تقييدات «مارفل» التى أسندت المهمة للممثل الإنجليزى بيندكت كامبرباتش، وهو ما يجعلنا نقول إن موافقة «فينيكس» على تجسيد «الجوكر»، بتحدياتها الكبيرة، بمثابة صفقة فردية كاملة تم إعدادها لصالح نجوميته.
لكن هل سينتصر «جوكر خواكين فينيكس» على «جوكر هيث ليدجر» وكل من سبقوه؟
هناك من يرى أن الفيلم سيواجه الفشل، فالمخرج تود فيليبس نفسه توقع
غضب الجمهور، لأنه لم يعتمد بشكل كامل على الكتب المصورة فى رسم شخصية «الجوكر»،
وقال: «هذه قصة عن مأساة أى رجل.. قد يصبح الجوكر فى يوم من الأيام». ما يعنى بشكل
حاسم أن «جوكر فينيكس» ليس «جوكر الكتب المصورة الشهيرة»، ولكنها مأساة رجل عادى
تحول إلى «الجوكر».
وأكدت تصريحات خواكين فينيكس ذلك، إذ قال: «إن هناك مسارات مختلفة
لمعالجة قصص الخارقين والأشرار، بغض النظر عن الالتزام بالشخصية التى يعرفها الناس
وتعودوا عليها من خلال الكتب المصورة، التى لا تعد كتبًا أدبية؛ إذ يمكن الإضافة
لها والتلاعب بها كما نشاء».
واعتبر الكثيرون أن هذه التصريحات التى كشفت عن حقيقة الشخصية المنتظرة قد تهدد «فينيكس»، لأنها ستحبط الجمهور، فهم يعشقون «الجوكر»، وينتظرون مشاهدته لا مشاهدة إنسان عادى تحول إلى مسخ.
السبب الثانى الذى يهدد نجاح «فينيكس» أن شخصية «الجوكر» فى ملحمة كريستوفر نولان «The Dark knight» لم تكن اعتيادية، وما زالت حية بين الناس، ويظهر ذلك فى تبادل الاقتباسات من مقولات وحوارات الشخصية التى قدمها «ليدجر» على مواقع التواصل الاجتماعى، ومن الصعب إزالة هذا التأثير فى يوم وليلة، فلو لم تكن الشخصية التى يقدمها «فينيكس» مميزة فى حوارها فلن تبقى، وهذا سبب مهم وأساسى فى أن تعيش أى شخصية، بمواقفها ومقولاتها المميزة التى يلتقطها الجمهور ويتداولها فى نطاقات متعددة.
السبب الثالث، هو أن العقبة التى قد تواجه «فينيكس» ليست فى الأداء العبقرى لـ«هيث ليدجر»، بقدر ما هى فى العاطفة الجماهيرية نحو «ليدجر» نفسه، فالحكايات التى توالت عن أسباب وفاته بسبب شخصية «الجوكر» وإخلاصه الشديد لها تركت أثرًا كبيرًا فى نفوس الجمهور، ما يجعل الانتصار لـ«فينيكس» على حساب هيث ليدجر صعبًا حتى لو قدم أداء عظيمًا.
أسباب النجاح
فى المقابل هناك أسباب تشير إلى أن الفيلم سينجح، أولها هو أن وجه خواكين فينيكس فى الأساس أقرب إلى شكل «الجوكر» الحقيقى فى الكتب المصورة، وهذا يعد سببًا كافيًا أن يصبح النجم المخضرم هو المعادل السينمائى لهذه الشخصية الأسطورية لفترة زمنية طويلة، خاصة أنه من المتوقع أن يتوغل نفسيًا داخل الجانب المظلم للمهرج الشرير.
السبب الثانى: يعود لطبيعة «الجوكر» كشخصية مختلة، وأداء الشخصيات
المختلة ليس بجديد على «فينيكس» البارع، فقد أدى شخصية «فريدى» فى فيلم «The Master»، إذ اختلت شخصية البطل
بعد عودته من الحرب، وأصبح إنسانًا غير متوازن ومهووسًا بالجنس، وقد أداها ببراعة
وأداء مذهل، وهو سبب يرجح نجاحه فى أداء شخصية «الجوكر» المختل والمهووس. كما تعد
شخصية «الجوكر» وش الخير على جميع الأفلام التى ظهر فيها، إذ فازت أغلب الأعمال
التى ظهرت فيها الشخصية بجائزة أوسكار، سواء فى فيلم «باتمان» الذى أدى خلاله
شخصية «الجوكر» الفنان الكبير جاك نيكلسون، ونال الفيلم جائزة أوسكار لأفضل إخراج
فنى، أو حتى فى فيلم «Suicide
Squad» الذى نال أوسكار لأفضل تصفيف شعر، أو «The Dark knight» الذى نال هيث ليدجر عليه الجائزة كأحسن ممثل. وبالتالى فإنه من
المتوقع أن ينال «فينيكس» جائزة عن الفيلم، خاصة فى ظل الحفاوة الممهدة لذلك
النجاح منذ الإعلان عن الفيلم، الذى من المقرر أن يعرض فى مهرجان تورنتو المقبل،
وهى حادثة نادرة، أن يعرض هذا المهرجان الكبير أفلامًا تخص شخصيات الكتب المصورة.
النجم الأمريكى يخسر وزنه بشكل جنونى.. حياته فى خطر
بذل خواكين فينيكس مجهودًا كبيرًا لكى يخسر وزنه ويبدو نحيفًا، بالإضافة إلى المجهود الذهنى والنفسى الذى بذله أيضًا فى التحضير للفيلم. وخسر «فينيكس» الكثير من وزنه بشكل جنونى، وعرض حياته إلى الخطر، لدرجة أن المخرج تود فيليبس كان لا يسمح بإعادة تصوير المشاهد أكثر من مرة، حتى لا يصاب بالإرهاق، وخوفًا على حياته. وقال «فينيكس» إنه بطبيعة الحال «نباتى» لا يأكل اللحوم، ولكى يخسر وزنه عكف على شرب المياه فقط لأيام دون أكل، ثم عوّض هذه الأيام بتناول ٣ وجبات صحية فى الأسبوع مع ممارسة الرياضة.