JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Startseite

فيلم مولانا.. رسائل بلا قصة ومخرج بدون بصمة وممثل قدير






عندما خرج فيلم "مولانا" خالى الوفاض، بدون أي جائزة من مهرجان دبي السينمائي فى دورته الثالثة عشر، أصيبت جموع الجماهير المهتمة بالسينما بدهشة شديدة؛ لأن صناع العمل أسماء كبيرة وذات ثقة؛بدءً من المؤلف والصحفي المخضرم إبراهيم عيسى، مرورا بالمخرج مجدي أحمد علي، وانتهاء بالنجم عمرو سعد. 

هذه الأسماء كانت كفيلة وحدها، برفع سقف توقعات الجمهور وطموحاتهم بأن يشهدوا لهذا العمل، وأن يثقوا فيما سيقدم من خلاله، حتى قبل أن يشاهدوه، لذلك جاءت دهشتهم من تجاهل المهرجان لعمل صنعته هذه القامات.


لكن بعد بدء عرض الفيلم تجاريا للجمهور أول أمس، تجلت الأسباب بوضوح؛ فالعمل جاء مخيبا للآمال والطموحات التي عقدها الكثيرون.

يكفي سؤال واحد سأله الحاضرون بإحدى صالات العرض بعد انتهاء الفيلم: "أين القصة"؟. 

سؤال بديهي لا بد أن تسأله لنفسك بعد مشاهدة الفيلم، بل فى منتصفه، "ما القصة"؟ فأنت أمام عمل يريد صناعه أن يقولوا كل شيء فى ساعة ونصف، فتاهت منهم أمور عديدة وتفاصيل مهمة، أفسدت "الطبخة" الفنية والوجبة التي كانت من المفترض أن تشبع عقول المشاهدين وأبصارهم. 



فيلم يتحدث عن التشدد الديني، حملات التبشير والتنصير، ملك اليمين والرق، المد الشيعي، الصوفية والسلفيين، أمن الدولة والدعاة، الأجهزة السيادية وعلاقتها بالأزهر والكنيسة، وإلى جانب كل ذلك، ألقى الفيلم الضوء على دور الإعلام والفضائيات فى كل هذه المعارك. 

كل هذا وأكثر، أدى إلى قتل مفهوم البناء الدرامي والقصصي فى العمل، لدرجة أن المخرج مجدي أحمد علي، والذي كتب السيناريو بنفسه، افتعل العديد من المشاهد، ليحاول بكل الإمكان أن يناقش هذه الأفكار ويمررها للجمهور، فأصبحت النتيجة هزيلة وغير مبررة وليست فى سياقها وموترة للمشاهدين، فصناع المهنة الكبار، عودونا أن لا شيء يظهر أمام الكاميرا جزافا، وأي كتاب عن صناعة السيناريو أو عملية التذوق السينمائي سيخبرك بأن أي مشهد لا يؤدي إلى تطور فى البناء، ولا يؤثر في المشهد الذي يليه أو منفصل عن الذي سبقه، فهو مشهد بلا قيمة، ومن ثم وجب حذفه.

فالفيلم الذي كتب إبراهيم عيسى القصة والحوار له، استنادا إلى روايته "مولانا" التي تحمل اسم الفيلم، جاءت أغلب مشاهده منفصلة عن بعضها، لخلق وافتعال حوارات على لسان شخصية البطل الشيخ حاتم الشناوي، فـ"عيسى" من خلال هذا اللسان، أراد أن يمرر كل أفكاره الخاصةالتي يرددها دائما في جريدته والوسائل الإعلامية التى يظهر فيها، لدرجة أن المشاهد قد يشعر فى بعض اللحظات أن الشيخ حاتم الشناوي، يعتنق فكر إبراهيم عيسى، حتى فى "قفشاته" وسخريته اللاذعة. 

على سبيل المثال، نجد مشاهد لا محل لها من الإعراب، عندما يأتي صاحب القناة التي يعمل بها الشيخ حاتم، ليسأله عن المعتزلة، ثم لقطة أخرى عندما يسأله عن الرق وملك اليمين، دون أن يكون هناك مبررا دراميا لمثل هذه الحوارات التي تفتقد لوظيفتها فى النص السينمائي، لكن "عيسى" أرادأن يقول رأيه فى هذه المسائل، فخلق هذا الحوار ليقول هو، وليس الشيخ والداعية الشاب حاتم الشناوي، بل إننا يمكن أن نقول، إنه خلق هذه الشخصية ولم يستطع أن يحررها من فكره الخاص، فخرجت الصورة مشوشة.






مشكلة أخرى فى العمل، وهي وجود شخصيات لم ترسم بعناية، ولم يظهر تأثيرها بوضوح، منها مثلا شخصية "أميمة" زوجة حاتم الشناوي، والتي لعبت دورها الفنانة درة، فدور الشخصية مبتور ولا يمثل أي أهمية، عكس ما جاء فى الرواية الأصلية، باعتبار أنها ستخونه مع طبيب ابنها، لكن بعد حذف قصة الخيانة فى السينما، فلماذا وجودها إذن طالما لم يتم استغلالها كلاعب رئيس يدور فى فلك البطل؟ خصوصا أن قصة الابن الذي يصاب إصابة شديدة بعد سقوطه فى حمام سباحة، لم تؤثر على "حاتم"، فالمخرج لم يهتم بقصة الابن إلا فى لقطات سريعة وغريبة يقحمها فى ذروة الأحداث، فيجعل "حاتم" عمرو سعد، ينزوي فى ركن يبكي، مستدعيا الـ"فلاش باك" لابنه وهو يلعب أمامه، ثم ينتهى الأمر عند ذلك، ويعود مرة أخرى للبطل وهو يضحك ويرمي "الإفيهات" فى مشاهد متتالية، كأنه فاصل ميلودرامي يقول لنا المخرج من خلاله: "أنا مش ناسي قصة الابن اللى فى المستشفى، موقعتش مني".


إن محاولة الاستطراد فى مشاكل الفيلم لن تكفي آلاف الكلمات فى الحقيقة، لكن شيئا آخر غفله صناع العمل، وهو إهمال الصراع الداخلى الذي من المفترض أن يعيش فيه الشيخ المتناقض، الذي يحمل أفكارا جريئة، ولكنه لا يستطيع أن يعلنها للجمهور حتى لا يأكلوه، وحتى يستمر فى جنى الأموال والمجد والشهرة، فكان من حق الجمهور أن يعيش هذا الصراع الداخلى، لكن ضاع كل ذلك، بسبب الانشغال لمناقشة أكبر عدد من القضايا المختلفة، والتي سبق أن ذكرناها. 

إن الفيلم يحمل رسالة أساسية، هي أن الدولة مسئولة عن التطرف وترعاه، وإنها المحرك الأساسي لرجال الدين وأي فتنة وفتوى تحدث فى البلاد، ولا أعتقد أن صناع العمل كانوا يريدون من خلال هذا العمل، قصة، حبكة، دراما، صعود، هبوط، صراع، عقدة، حل، كأي فيلم، إنه مجموعة من الرسائل فقط. 

وما يغفر لهذا العمل الذي ينقصه الكثير والكثير، هو الأداء المبهر لعمرو سعد، والذي كتب من خلاله شهادة ميلاد جديدة له، ليكون نجما يستحق أن يقطع الجمهور تذكرة من أجل دخول أفلامه،فقد قدّم الشخصية بخفة ظل جميلة، فلم تكن الشخصية ثقيلة على الناس، بل سارقة لكل أضواء الممثلين من حوله، كما أنه أدى مشهد النهاية ببراعة وإتقان بدرجة ممثل قدير، بغض النظر عن أن المشهد كان وعظيا يحمل رسائل مباشرة للمجتمع المصري. 

إن عمرو سعد، قدم أقصى ما لديه لتكون الشخصية مقبولة، على الرغم من إهمال المؤلف لرسم هذه الشخصية بدقة وعمق أكثر، لكنه معذور، لأن العمل الصحفي للمؤلف طغى عليه، فلم يهتم برسم التفاصيل الإنسانية والصراعات النفسية التي يعيش فيها البطل، فركز على الأحداث والعالم وما يحاوطه، فجعل الصورة ناقصة إلى حد كبير، كأنه يتعامل مع أفكار ومعلومات، وليس شخصيات من لحم ودم، لها نزواتها وأحلامها وطموحاتها وصراعاتها.





ولا يمكن أن ننهى الكلام دون أن نتحدث عن وجه جديد يظهر لأول مرة كممثل، وهو الدكتور رمزي العدل، الأستاذ بمعهد فنون المسرحية، وشقيق النجم الراحل سامي العدل، فى دور الشيخ الصوفي مختار، والذي أدى الدور بطريقة شديدة الجمال، خصوصا أنه يتمتع بهيبة وكاريزما وحضور، ومن المتوقع أن يستغله المخرجون في أعمال أخرى. 




علاء حسنى
كما أن اختيار الفنان الشاب علاء حسني، لأداء دور "جلال" ابن رئيس الجمهورية، كان جيدا وذكيا، خصوصا أنه قريب الشبه من جمال مبارك، الابن الأصغر للرئيس الأسبق، كما أن اختيار الاسم لم يأتي اعتباطا، فهو على وزن "جمال"، لكن كنا نتمنى أن تكون هذه الرمزيات والدقة فى أمور أخرى غير شكلية، تخدم النص السينمائى أكثرمن ذلك.

author-img

محمد محمود ثابت

Kommentare
    Keine Kommentare
    Kommentar veröffentlichen
      NameE-MailNachricht