JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

نجيب محفوظ.. خارج عن النظام


هل كانت حياة نجيب محفوظ هادئة ومستقرة؟ كل من اقترب منه قال: "نعم" ، وقالوا إنه هاديء وصاحب نظام صارم في يومه ويبحث عن الاستقرار دائما، لكن واحدا فقط هو الذي كشف الوجه الآخر عنه، هو الأديب والصحفي رجاء النقاش، فى كتابه "نجيب محفوظ.. صفحات من مذكراته".

استطاع نجيب محفوظ أن يحتفظ بخصوصياته ونزواته وآرائه، لم يقلها لأحد، لم يعلنها حتى فى جلساته الشهيرة، فهي جلسات عادية، لكن ضخّمها كل من جلس فيها، كي يعطوا أنفسهم موقعا من الإعراب فى حياة أسطورية  مثل حياة "محفوظ".

حاول الجميع أن يستفيد من الاقتراب منه، فخرجوا بكتب وحكايات وروايات، قالوا: "شربنا وأكلنا وضحكنا.. وحكى وروى وتذكر معنا"، لكن ظلت حياته الشخصية سرا كبيرا، رفض أن تكون رواية أو كتابا مفتوحا لأي أحد.

لماذا تكتم نجيب محفوظ؟

الإجابة عند الكاتب الصحفي محمود فوزي، قال نجيب له: "حياتي العاطفية لم تكن بريئة أبدا.. وحياتي الشخصية ليس فيها ما يهم أحد"،  لكنه اعترف فى نهاية حياته، فى تسجيلات مدتها خمسون ساعة مع الكاتب الصحفي رجاء النقاش، على مدار سنتين من لقاءاتهما.

كشف محفوظ لرجاء النقاش، أسرارا خطيرة عن علاقاته النسائية وحياته الجنسية، قال: "فى الفترة التي سبقت زواجي عشت حياة عربدة كاملة، كنت من رواد البغاء الرسمي ومن رواد الصالات والكباريهات ومن يراني كان يظن أنني حيوان جنسي، فكانت نظرتي للمرأة جنسية، لا عواطف ولا مشاعر فيها، وإن كان يشوبها بعض الاحترام".

ويحكي نجيب عن العذاب المستمر الذي كان يعيش فيه بسبب علاقاته المتعددة بالفتيات فى سن المراهقة التي كان يتجاوز فيها الحد: "كانت التجاوزات البريئة تصطدم بالإحساس الديني وهو على أشده، لدرجة أنني كنت أتوجه بالتوبة إلى الله يوميا، وأعيش فى عذاب مستمر من تأنيب الضمير".

هل وقف نجيب عند هذه التجاوزات والنزوات؟.. الإجابة: "لا"،  بل دخل إلى عالم القمار والحشيش، فلا رقيب ولا حسيب عليه.

يعترف: "عرفت أديبا شابا موهوبا، كان لديه عوامة نقضى فيها نصف الليل ما بين الحشيش والأوانس، وعلمنى القمار، وكنت أشرب الحشيش يوميا، ولكني بطلت الحشيش خوفا من التفتيش الذي كان يلازم البيوت بعد انفجار سينما مترو".

عاش حياة بوهيمية عبثية مبكرة، نقلها إلى أعماله وشخصياته وحكاياته، فهو اعترف فى أكثر من مرة أنه "كمال عبد الجواد" الحقيقي، بطل ملحمة الثلاثية، الشاب المتدين المتعلم، الذي يحمل إرثا كبيرا من الثقافة والعادات، ويؤمن بها أشد الإيمان، ولكنها تحطمت داخله، فدخل إلى عالم البغاء وترك العلم والفلسفة.

السؤال هنا.. كيف تحول نجيب محفوظ؟

"إما أكون إنسانا أو حيوانا".. عبارة قالها "كمال عبد الجواد" عندما حاول صديقه أن يغويه، ويبدو أن نجيب محفوظ، وقف مع نفسه طويلا، وقال لنفسه هذه الجملة، فتحولت حياته من العربدة إلى العالمية.

قال "نجيب": "زواجي غيرني وهذبني، كنت لا أتخيل أنني سأتزوج يوما، واعتقدت أن الزواج سيعطلني عن الأدب، ولكن ربنا أكرمني بسيدة فاضلة، وفرت لي المناخ المناسب للكتابة والحياة الهادئة".

ويضيف: "الكتابة هي حياتي، وكان أبي يريدني أن أدخل كلية الطب، ولكني خيبت أمله ودخلت كلية الآداب قسم الفلسفة".


والده

حاول نجيب محفوظ، الهروب من إبداء آرائه في السلطات السياسية طوال حياته، فالسياسة لعبة لا يتحملها قلبه، إنه صاحب خيالات وحكايات، إنه رجل لا يدخل في عداوات مباشرة، لكنه يصنع معارك وثورة على الورق في رواياته ينتقم فيها من كل خصومه. 

يعترف: "أنا مش بتاع سلطة.. أنا بتاع أدب، مع أن الأدب سبب لي متاعب كثيرة مع السلطة". 

يحكي: "بعد نشر رواية ثرثرة فوق النيل، ثار المشير عبدالحكيم عامر، وبلغني أنه هدد وتوعد بإنزال العقاب بي بسبب النقد العنيف الذي تضمنته الرواية عن سلبيات قائمة في المجتمع، وقال: يجب تأديب نجيب محفوظ، لأنه زودها أوي»، وأكمل: «قصة أخرى نشرتها بعنوان سائق القطار، كادت تتسبب في اعتقالي، بعد أن همست الأوساط الثقافية بأنني أقصد جمال عبدالناصر، لكن تفسير فريد أبوحديد للقصة أنقذني وأخرجني من الأزمة". 

يقول: "محمد حسنين هيكل رفض نشر رواياتي الكرنك والمرايا في الأهرام، وذهب لتوفيق الحكيم يقول له: يرضيك كده شوف نجيب باعتلي إيه".

لكن ماذا عن رأي نجيب فى الرؤساء الثلاثة؟ هل كان ناصريا؟ هل أحب السادات؟ كيف رأى حسنى مبارك؟

يقول نجيب فى اعترافاته: "عبد الناصر كان ديكتاتوريا، وأدخلنا فى أمور لم نكن فى حاجة لها، وحرب الاستنزاف كلام فارغ"، يضيف: "كل أدباء مصر عانوا فى عهد جمال عبد الناصر، فزوجتي كانت تشكو من مراقبة أحد الأشخاص لها، وكنت أشعر أنني مراقب أثناء سيري فى الطريق". 

أما عن السادات، فقال: «عندما تولى السادات، قلت هل هذا الأضحوكة سيكون رئيسا لمصر، لكنى أيدته بعد ذلك وأدركت أنه حاكم قدير رغم أن روشة حصلتله في مخه بعد حرب أكتوبر»، وكشف عن تأييده الكامل لحسني مبارك قائلا: «لا مانع من انتخابه مدى الحياة، فهو رجل نظيف وممتاز جدا».

المصادر:
 كتاب حوارت نجيب محفوظ مع سهام الذهني (إصدار أخبار اليوم) 
كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" رجاء النقاش





author-img

محمد محمود ثابت

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة