JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Accueil

فيلم "أقوى الرجال".. أن تحتاج إلى وهم الناس لتعيش!

 


شاهدت الليلة الماضية فيلم "أقوى الرجال" مع زوجتي، أي نعم شاهدته أكثر من مرة، لكن هذه المرة كانت غير كل مرة، لأنها استدعت بداخلي معنى أريد أن أكتبه.

هذا الفيلم أعتبره بشكل شخصي من أفضل أعمال البارع نور الشريف.

شخصية أتقنها بكل حواسه ومهارة السنين في التمثيل..

الشخص الطيب في زمن لا يؤمن إلا بالقوة والسطوة.

شخصية "زكي الكمسري" الذي كان يعيش كمواطن بسيط، يصعد إلى الأتوبيس مقر عمله، ثم يعود إلى بيته في نهاية اليوم لزوجته الجميلة الفاتنة، ثم ينام في صمت وهدوء.

كان شخصا عاديا، كل أحلامه أن تمر الحياة دون أن يصطدم بأحد، أو يضطر لرفع صوته في وجه أحد.

 لدرجة أننا نراه في إحدى اللقطات يصطاد، لكنه يضع السنارة في الماء دون طُعم لأنه طيب إلى حد يمنعه حتى من إيذاء سمكة صغيرة!.

كان يرى في ضعفه.. خير فضيلة.

اعتقد أنه حين لا يُخيف أحدا.. سيغري الجميع بأن يتركوه في حاله.

لكن العكس كان صحيحا.

كل جرذان البشر كانوا يجربون فيه جبنهم!

يتحرش أحد جيرانه بزوجته في غيابه

ويعاكسها قهوجي الحارة عيني عينك مستخفا به

حتى بائع الفاكهة الشمّام.. يطرده من الدكان لأنه زبون غلبان

أما صاحب البيت الغني يقرر طرده من الشقة

وسائق الأتوبيس الذي يعمل معه يشتكي من جبنه!

الجميع كان يسخر منه ويستضعفه

حتى زوجته فقدت صبرها أمام خنوعه ووبخته: دي حتى القطة عندها ضوافر بتخربش بيها!

هذا هو المعنى الذي كان يؤكد عليه الصناع طوال الفيلم.. هو أن الضعيف لا يستحق الاحترام

وأن الذين لا يطلبون شيئا، غالبا ما يُؤخذ منهم كل شيء.

لكن فجأة تغيرت الأحداث.. وتغير معها كل شيء.. بخبر في جريدة، بتطابق في ملامح.. بتشابه سخيف

تحول "زكي" الغلبان إلى "الوحش" القاتل المجرم الذي تبحث عنه الشرطة.

تلتقطه الشرطة بالفعل على أنه المجرم السفاح..

لكن بسبب تضارب الأقوال يخرج براءة ولا يصدق الناس أنه بريء.

فخلقوا له أسطورة في مخيلتهم، وصاروا يهابونه ويتقربون إليه، بل ويتسابقون لخدمته.

أصبح المجتمع كله أسير لوهم جماعي على أنه "وحش" كاسر وأقوى الأقوياء!

صاحب البيت جهّز له منزله وعوّضه..

وبائع الفاكهة الذي طرده أصبح يقدم له الفاكهة بسخاء.,

الكل تحول إلى مذعور أمامه بعدما كانوا ينبذونه ويحتقرونه!

لقد تحول ضعف الأمس إلى قوة مرعبة اليوم.. فقط لأن الناس اعتقدوا ذلك.

وهنا رأى "زكي" حقيقة الدنيا تتعرى أمامه..

وهي أن الجميع حين خافوه.. احترموه.

ففعل ما لم يتخيل يوما أنه يفعله.. ضرب.. وكسر..وقتل

وهذه هي المأساة.. أن تحتاج إلى وهم الناس لتكون موجودا

وأن تكون مرعبا كي يعاملوك بآدمية..

وأن تكون ظلا لوحش جبار كي يروك!

هذا الفيلم بفلسفته يؤكد برسالته أن المجتمع الذي يخذل الضعيف ولا ينصفه.. يصنع بيديه وحشا سيأكله.

هناك حقيقة ملفتة أيضا... هي أن لا أحد يريدك طيبا، ولا أحد يريدك قويا، ولا أحد سوف يسندك إن وقعت.. أو سينتظرك إن تاخرت.. ولن يراك أحد كما أنت.. 

لأن الناس لا يرون.. الناس يتخيلون.. ويتوهمون!

author-img

محمد محمود ثابت

Commentaires
    Aucun commentaire
    Enregistrer un commentaire
      NomE-mailMessage